أدولة واحدة أم دول في الجزائر...؟

Admin

أدولة واحدة أم دول في الجزائر...؟
Saturday, January 09
جريدة صوت الحرار
الأستاذ: محمد العلمي السائحي

ذكرني موقف السيدة »مريم مهدي« نزيلة مستشفى مصطفى باشا، المضربة عن الطعام منذ ما يزيد عن الشهر،احتجاجا على طردها ومائتي عامل جزائري من شركة »بريتش غاز« بموقف كبشة أخت الشاعر الفارس »عمرو بن معد كرب الزبيدي«، التي ساءها قبوله دية أخيه، الذي قتل في مجلس سكر، فظلت تلح في هجائه، ولم تتوقف، حتى أخذ بثأر أخيه القتيل، فذلك ديدن حرائر العرب والمسلمين، لا ينمن على ضيم، ويرقبن بعين يقظة، كل ما يهدد الشرف، ويلحق العار بقومهن، فيثرن عليه، ويستنهضن الرجال للتصدي له، ومقاومته، حفظا للشرف، وصيانة للكرامة، وهذا الذي ثارت لأجله السيدة الحرة الكريمة مريم مهدي، إذ ساءها أن تتحدى الشركات الأجنبية الدولة الجزائرية، فلا تمتثل لقوانينها، ولا تحترم سيادتها، ولا تلتزم بالتعاقدات التي أبرمتها معها، حتى أنها، طردت أزيد من ألفي عامل بشكل تعسفي، مع أن العقود التي بينها وبين الدولة الجزائرية، تقضي أن لا يطرد أي عامل إلا بعد عرض قضيته على المجلس التأديبي، ثم أن هذه الشركات تمنع العمال من تكوين فروع نقابية لهم داخل هذه الشركات ، مع أن النشاط النقابي حق مكفول دستوريا، والأغرب من ذلك أن هذه الشركات تتحدى القضاء الجزائري، ولا تمتثل لأحكامه، إذ رفضت إعادة إدماج عمال قضى بإدماجهم بعد طردهم، ثم هي من خلال طردها التعسفي للعمال الجزائريين، تخل بالتزاماتها لأن الغرض من السماح لها بالاستثمار في الجزائر، هو أن تسهم في نقل خبراتها الفنية والتقنية لليد العاملة الجزائرية، وبذلك تكون قد خالفت بنود العقود المبرمة بينها وبين الجزائر في هذا الصدد.
ثم أن هذه الشركات أصبحت تشكل خطرا فعليا على السيادة الوطنية، بما تفر ضه من إجراءات أمنية على مواقع نشاطها في التراب الوطني، واستعانتها في ذلك بشركات أمن خاصة تستقدمها معها، من حيث أتت، والتصرف في هذه المواقع وكأنها مناطق لا تخضع للسيادة الوطنية للجزائر.
ثم ما معنى أن يتقرر طرد السيدة مريم مهدي من منصبها الذي تشغله في شركة »بريتش غاز« مباشرة بعد ما قررت لبس الحجاب، هي وأخريات معها ممن يعملن في هذه الشركات، إن هذا معناه أن هذه الشركات لم تأتي للاستثمار في الجزائر ، لأهداف اقتصادية محضة، وإنما اتخذت من هذه الأهداف الاقتصادية التي تذرعت بها، وسيلة وأداة لخدمة أهداف أخرى ، ولعل من بينها محاربة الإسلام في عقر داره.
لقد آن الأوان أن تراجع تعاقداتنا مع هذه الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، بما يكفل احترامها الفعلي لسيادتنا الوطنية، حتى لا نجعل المواطنين يتساءلون في دهشة وحيرة، قائلين: أفي الجزائر دولة واحدة أم دول...؟