تمر 18 سنة على وقف المسار الانتخابي، واستقالة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد•• 18 سنة هي عمر طالب في السنة الأولى جامعي، وهي أيضا مسافة تفرشها المجازر والصراعات والقلاقل السياسية•• 18 سنة شاهدت الكثير من الوجوه السياسية تتداول على الحكم، في أصعب مرحلة من تاريخ الجزائر المستقلة•
الشاذلي يذهب، وتخلفه شخصية تاريخية، لم نكن نحفظ تقاسيم وجهها، كان فقط اسما في الحركة التحررية الوطنية، سي الطيب الوطني، الذي كان أغلبنا يظن أنه شهيد من شهداء الجزائر•• لا لم يكن شهيدا وعاد ليستشهد أمام أعيننا جميعا، وعلى المباشر في أبشع عملية إرهابية من تلك العمليات التي دشنت لمرحلة سوداء من عمرنا السياسي•
[/b]
لم نكن ننفض تراب المقابر من أيدينا حتى تنزل علينا فواجع أخرى ومجازر أخرى واغتصابات وحرق ودمار، كلها عمليات متشابهة، ترعبنا، ترهبنا•• وتحاول أن تطرحنا أرضا، لأننا وقفنا في وجه المد الأصولي، لأننا رفضنا دولة الملالي والسلفية الجهادية، فكان الثمن باهظا••
18 سنة من عمر الأزمة مرت، وما زالت آثارها ماثلة في الشوارع والنفوس، صحيح لم يعد الإرهاب تلك المحنة التي سلطت علينا وحدنا، بل صار آفة عابرة للقارات، تتخفى وراءها القوى الكبرى أحيانا لإعادة ترتيب الكون، وتستهدفها أحيانا أخرى في عملية شد ومد، صارت تسمى القاعدة، واللعنة لم تعد لعنتنا وحدنا، فتدويلها أفقدها الغطاء السياسي، ولم يعد وقف المسار الانتخابي مبررا لها، فكم من الانتحاريين ولدوا بعد 11 جانفي 1992؟
المشهد مختلف الآن•• الأزمة الأمنية تراجعت، وقوانين الوئام والمصالحة التي واجهت الكثير من الانتقادات لأنها حمت مجرمين من العقاب، ما زالت سارية وتمكنت من تفويت كثير من الفرص على الجماعات المسلحة التي فقدت عمقها الاجتماعي، بعدما فقدت الأمل في قلب الجمهورية الوطنية، ومع ذلك ما زال الوئام السياسي لم يتحقق•
فعباسي مدني الذي أطل أمس في الجزيرة قال إن لا شيء تحقق بين 11 جانفي 1992 و11 جانفي 2010، وأن النظام على حد قوله هو المسؤول على كل ما حصل طوال هذه المدة، عباسي مدني لم يتب، وبلحاج أيضا لم يتب، وسياسة التسامح التي اتبعتها الجزائر وما زالت تطبقها ما زالت تواجه الانتقاد من هؤلاء وآخرون رفضوا أن نتصالح بدون محاسبة وبدون اعتراف بالذنب واعتذار•• بعد 18 سنة ما زالت آثار الأزمة هنا ماثلة، لكننا تخطينا دائرة الخوف، وها نحن نواجه مخاطر أخرى ولابد من التصدي لها•••
