أدى، تأخر الإفراج عن نسب الزيادات في أجور القطاع الاقتصادي العمومي،
إلى اندلاع حركات احتجاجية في بعض المؤسسات الاقتصادية، على غرار المؤسسة
الوطنية للسيارات الصناعية التي يشن عمالها إضرابا يطالبون فيه برفع
الأجور، شأنهم شأن القطاعات الأخرى، لأن ما حققته الشركة في السنة
الماضية، حسب أحد العمال، يتطلب التفاتة من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية،
وكذلك التقاعد المسبق.
وأضاف، نفس المصدر، أن الشركة وقعت مع وزارة الداخلية اتفاقا بـ ٥٠٠
مليون دولار لتسليمها شاحنات ومركبات، بالإضافة إلى استكمال جزء كبير من
صفقة حافلات نقل الطلبة التي سلمت للمؤسسة الوطنية للنقل الحضري التي
أدخلتها مجال الخدمة، وهو ما يؤكد التطور الكبير للمؤسسة الوطنية للسيارات
الصناعية التي تكون قد تجاوزت مرحلة الشك، خاصة بعد القرارات التي طالبت
بالتعامل مع المؤسسات الوطنية في مجال التزود بالمركبات، وهو ما رفع من
معنويات الشركات الوطنية لزيادة الإنتاج ورفع نسب الاستثمارات لخلق قيم
مضافة للاقتصاد الوطني والوصول إلى مرحلة التصدير التي تبقى الحلقة الأضعف
في الاقتصاد الوطني.
ويطالب، العمال، برفع الأجور بالنظر للنتائج المحققة، ''فعندما كانت
الشركة تعيش أوضاعا صعبة كنا متفهمين للأوضاع لكن اليوم لا نجد سببا لعدم
تحسين أوضاعنا المعيشية، ونتساءل إذا لم تحسن أجورنا في الوقت الراهن،
فمتى سنستفيد من الزيادات لان الغلاء أنهكنا''.
وينطبق، نفس الأمر، على عمال مركب الحجار الذين يمرون بظروف مضطربة منذ
سنوات، فبالرغم من التسهيلات التي منحت للمتعامل الهندي ''أرسيلور ميتال
ستيل'' الذي كان يعول عليه لإعطاء دفع للاقتصاد الوطني غير أنه مع مرور
السنوات عادت المشاكل إلى سابق عهدها وبات التهديد بالإضراب السمة الغالبة
حتى بعد إعادة تجديد النقابة.
وتبقى الشركات العمومية والخاصة الاقتصادية تعاني من العديد من المشاكل
المفتعلة تعرقل تطورها فما حدث مع البنوك ومجمع تونيك ومصانع الجرارات
والمؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية يجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول غياب
الجو الملائم للنهوض بالاقتصاد الوطني الذي ضاق ذرعا بالاستيراد الفوضوي
الذي يتسبب في حوادث المرور ونشر الأمراض، كما أن منح الأفضلية لبعض
الأجانب في العديد من المشاريع لم يأت بالنتائج المتوقعة، واظهر الواقع أن
الشركات الوطنية لا تقل كفاءة عن الشركات الأجنبية في كل شيء، وهو ما جعل
الدولة تقرر مراجعة قانون المناقصات قبل نهاية السداسي الأول والذي سيكون
تكملة لإجراءات قانون المالية التكميلي التي جعلت العديد من المؤسسات
الوطنية تتنفس وتحفز لاستكمال جهدها للتقليل من فاتورة الاستيراد والوصول
إلى تلبية حاجات الاقتصاد الوطني.
وعليه، فعمال القطاع الاقتصادي العمومي بحاجة إلى أجور تواكب الرهانات
المستقبلية لأن الزيادات البسيطة لا تحفز العمال وتجعلهم دائما رهائن وضع
اجتماعي ومنه قتل الإبداع والابتكار.
