رسائل الى داي الجلفة...بادئ ذي بدء..ستحتاج الى مروحة

اسمح لي اولا سيدي الكريم أن أناديك بالداي لأنك قد وفدت علينا من المدينة التي احتضنت الداي حسين الذي يحاول الكثير منا التحدث عنه فقط في سياق امضائه على اتفاقية تسليم الجزائر العاصمة و قائد الحملة الفرنسية دي بورمون... و نتناسى تلك الروايات المتواترة حول حال الجزائر ككل غداة احتلالها من طرف المستدمر ...أيام كانت الأمية لا تكاد تذكر و ايام كان التعليم في الكتاتيب يضاهي التعليم في الجامعات اليوم و أيام كانت البحرية الجزائرية هي سيدة البحر الأبيض المتوسط و أيام كانت الجزائر يحسب لها الف حساب...و أيام كانت الأنفة الجزائرية لا تقبل المراهنة و كل من يتجاوز حده فمصيره لن يقل عن ‘’سقلة’’ بمروحة.

سيدي الداي ...أنا في هذه الرسالة الأولى لن أطلب منك أن تفعل لنا في الجلفة مثلما فعل الداي حسين للجزائر قبل اكثر من قرنين ...فنحن ليس لدينا ما للعاصمة من امكانيات طبيعية و صناعية و جيوسياسية بحكم كونها العاصمة.

و لكن حضرة الداي و بما أنني أصيل هذه البقعة الطاهرة من أرض الجزائر أستطيع أن أقول لك شيئا واحدا و هو أنها فرصتك لكي تكتب اسمك من احرف من ذهب و تترك ذكرى طيبة و عملا صالحا يبقى أثره الى يوم القيامة..و كذلك حتى لا تترك ذكرى سيئة يتحدث عنها الناس و ما يتحدث عنه الناس كثيرا هو عين الصواب فالطريق أمامك مفتوحة و لكن محفوفة ببعض المنغصات التي لن تترك تعمل لما خلقت له.

و احدى هاته المنغصات هم الإنتهازيون ‘’كما في كل مكان ‘’ لأنهم سيقعدون لك من كل بقعة مقاعد للسمع و إن عذت بهم فلن يزيدوك الا رهقا ثم هاهم يسعون الى البناء عليك و من حواليك و عن يمينك و عن شمالك و من فوقك و من تحتك حتى لا تكون لك بطانة غيرهم و حتى لا تسمع غير كلامهم...و أخيرا هاهم قد أجمعوا أمرهم و قرروا ‘’لن نريك الا ما نرى’’

و بالفعل حضرة الداي فقد ابتلى الله هذه البلدة الطيبة بامرؤ أحاط به نسيج العنكبوت من كل جانب و صار كل ما يصوره له أولئك البطانة هو عين الصواب لديه حتى صار له عقل كعقل العصفور فصار يرى في نافورة مشروعا عملاقا يستحق النزول لتدشينه...فنزل و دشن و لكن معه نزلت قيمة راعي الرعية الذي سيسأل لا محالة أمام الله عما اجترحه فيما استرعي فيه.

سيدي الداي ان الله استرعاك فينا فأوف الرعية حقها و لا تأخذك رحمة في تلك الشرذمة الذين لا يفكرون الا في صالحهم و صالح من يدور في فلكهم ...لذلك فان أول ما اجزم أنك ستحتاج اليه هو مروحة ‘’و ان كان المعنى هنا افتراضي’’ فالجلفة بحاجة الى رجل يطرد عنها كل تلك الفئة الإنتهازية.