في النهاية تراجع وزير التربية بن بوزيد عن معاقبة الأساتذة الذين تغيبوا يوم الخميس الفارط، المصادف لثالث أيام عيد الأضحى، بخصم أيام نهاية الأسبوع، أي من يوم الخميس إلى السبت، وفقا لمواد قانون الوظيف العمومي، واقترح على الأساتذة المتغيبين إما استدراك الحصص الضائعة ليوم الخميس، أو خصم يوم واحد من الراتب. وهو القرار الذي جاء مطابقا لموقف نقابات التربية التي رأت في تهديدات الوزير بخصم ثلاثة أيام كاملة استفزازا من قبل الوزارة الوصية، مقترحة استدراك الساعات التي لم يتم التدريس فيها. نفس الموقف عبر عنه اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ، محذرا من عودة الاحتجاجات إلى قطاع التربية... حالة الاستنفار هذه التي عرفها القطاع في ظرف وجيز دفعت بالوزير بن بوزيد إلى إعادة حساباته فيما يتعلق بقرار الخصم، ليعلن دون مقدمات عن تراجعه عن تطبيق القانون.
وإذا كان قرار تراجع الوزير عن تهديداته بخصم ثلاثة أيام يعتبر نهاية سعيدة للجميع، فإنه يكشف في حقيقة الأمر عن السياسة الارتجالية التي طالما انتهجتها الوزارة في تعاملها مع واقع وخصوصيات هذا القطاع الاستراتيجي، حيث تجد نفسها في كل مرة مجبرة على تسوية وضعيات كان بالإمكان تجاوزها، لو احتكم القائمون على القطاع إلى الحكمة والمنطق السليم والتخطيط. فعيد الأضحى ليس مناسبة جديدة على الجزائريين، وإجبار الأساتذة على التدريس في اليوم الثالث من العيد الذي صادف عطلة نهاية الأسبوع، لا يمكن أن يصنف إلا في خانة الخطإ، وقرار الوزارة خصم ثلاثة أيام من الراتب يعتبر خطأ ثانيا، لأنه ببساطة جاء نتيجة الخطإ الأول، قبل الخطإ الثالث والجسيم والمتمثل في التراجع، ومن ثم التنازل عن تطبيق القانون.
أمام مثل هذه الوضعيات التي تتكرر في كل مناسبة، ألا يحق لنا التساؤل، ولمَ لا مساءلة المسؤولين عن سر تكرار مثل هذه المطبات والسقطات، بالرغم من أن كل المسؤولين يعرفون معرفة يقينية أن تعليماتهم لن تحترم، ولن تجد مجالها إلى التطبيق، لأنها وببساطة لا تتناسب مع الواقع الاجتماعي والثقافي والنفسي للبلد وسكانه... ويحق لنا أيضا التساؤل كذلك، عما إذا كان هؤلاء المسؤولون يعرفون كيف يفكر مواطنوهم... بن بوزيد كان يعرف بأن الأساتذة والتلاميذ على حد سواء سيتغيبون حتما عن التمدرس يوم الخميس المصادف لثالث أيام العيد، وقد كان يجدر به أن يعلن وبالتشاور مع النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ أن الخميس يوم عطلة وسيعوض بيوم السبت، لكن بدل هذا ذهب في الاتجاه الذي ذهب إليه، والنتيجة أن وجد نفسه خارج القانون.
