الموضوع:
لقد تحصلت على كمية من الشيح، ليس من زملائي الأساتذة و النقابيين، و لكن بفضل فلاح، يمتهن بيعه كعمل شريف، لكسب قوت عائلته لتعيش بكرامة، دون عبث بالمال العام مثل مسؤولينا غير الشرعيين، و لا ولاءات مثل ممثلينا في الهيئات المنتخبة التي تتذكرنا قبل الانتخابات، أو رشاوي أو محسوبية أو تهليلات، مثل بعض المديرين حراس السجلات، و المسيرين صيادي التموينات، و المفتشين المشرفين على الندوات، و رؤساء مصالح مكدسي الملفات، و موظفي وصاية ممتهني الصفقات.
كمية من الشيح قللت من هذياني، و ثبطت إصابتي بالإسهال الكلامي، و لذا سأكون مختصرا في غبائي، و أكتفي بالملاحظة التي قدمها لي الفلاح صاحب الشيح، أثناء دردشة قصيرة حول البطالة و القدرة الشرائية و مستقبل البلاد، و أسباب سقوط الإمبراطورية العثمانية،
لقد وجدت هذا الفلاح أذكى مني و كثير من زملائي و أكثر ثقافة و اطلاعا، و ملم بجميع القضايا التي تهمه، رغم مساره الدراسي القصير، الناتج عن منظومة تربوية عقيمة، حيث قال لي برزانة و ثقة النفس:
" الكرامة مثل الحرية تؤخذ و لا تعطى".
تذكرت كرامة الأستاذ التي ننادي بها في هذا الموقع، و قاعة الأساتذة، و اجتماعاتنا النقابية، و نحن مصابين بـ:
1- داء فقدان الشجاعة: لا نجرؤ على الاحتجاج خوفا من الحسم من الأجرة، و أي أجرة.
2- سلوك النعامة: نلقي اللوم على نقابتنا في عدم الحصول على مطالبنا، و نحن في منازلنا قاعدين.
3- عقدة ستوكهولم: نتستر وراء مصلحة التلاميذ، و نصدق الخطاب الأجوف لبارونات الإدارة، حول الوطنية، و مصلحة البلاد، و ننافق بالرضوخ للقوانين المجحفة المتحجرة.
4- مرض انفصام الشخصية: نؤمن و نصدق تصريحات مسؤولينا في المكاتب المكيفة، و مراوغات بشغات النقابات المستأنسة و المستنسخة، و افتراءات باباوات جمعيات السرايا و الولاءات، و نكذب عرض حال ممثلينا وضعنا فيهم الثقة قبل أن نخونها، و لا نطلع على بيانات هيئات و هياكل نقابتنا، و لا نحضر الجمعيات العامة.
5- داء البخل: لا نستطيع دفع قيمة 50 دج/السنة،
6- علة الشك: نشك في مصداقية ممثلينا و نحن انتخبنا عليهم، و نسقط ما حدث عند نقابة الجهاز عليهم، و كان الجزائري ولد لكي يخون ذويه و ليس إلا،
6- مرض قصر النظر: لا نرى إلا المصالح الذاتية الآنية، و المشاكل الظرفية التي تعرقلنا
7- عدوى الأنانية: نقبل بما يفيد، فليكن الطوفان بعدي.
8- عاهة السكوت: نسكت على كل ما يمس بكرامتنا، و نثير فتنة، و نحدث زلزالا و براكين عند كل خطأ أو زلة لسان من الذين بعثنا بهم عزلا إلى ميدان المجابهة، مع مسؤولين صم بكم عمي و هم لا يعقلون.
9- الاستحالة الواليرية للذاكرة: لقد نسينا ما كنا نعانيه من إساءات في المؤسسات التربوية و مديرياتها، و في مراكز إجراء الامتحانات و تصحيحها من قيل أشباه المسؤولين، و نسينا تنكيك كثير من شرائح المجتمع برجل التربية في مختلف الفضاءات، قبل تأسيس نقابة snte و انتفاضتها التاريخية.
10- إعاقة نكران الخير: لقد تعمدنا عدم الاعتراف و تثمين ما حققته نقابة snte في جميع المجالات رغم كونه قليلا و غير كاف. إنه جزاء سنمار.
زال هذياني، و زاد إيماني بنفسي و بنقابة snte عندما تذكرت الآية من ذكرى الله:
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
و بارك الله في فلاح متشبث بكرامته، رافضا الولاء و الانبطاح و التملق من أجل لقمة عيش، يفكر أكثر من أستاذ حامل لشهادة جامعية يرفض و يخاف من النطق بكلمة "لا" التي علمتها لناثورة الفاتح من نوفمبر 54 المجيدة وترددها اليوم"معلمة حرة في نقابة لsnte" من ولاية الجلفة ترفض الرضوخ والهوان والمدلة
لقد أهاننا نحن الأستاذة قطاع التربية و قزمنا من دورنا الطلائعي، كما صرح به الاستاد الامين العام الوطني عبد الكريم بوجناح في دورة المجلس الوطني الاخير .
في انتظار مزيد من الشيح لأشفي نهائيا من هذياني، رغم وصية زميل لي بعدم تناوله، و في انتظار انتفاضة من أرواح الشهداء لإنقاذ قطاع التربية من تسلط وتجبر بعض اشباه مدراء المؤسسات التعليمية و في انتظار عودتنا إلى الصواب، و شفائنا من الأمراض التي حالت دون أخذ كرامتنا و حقوقنا،
سلام على كل مناضل حق في نقابة لsnte، و نقابات أخرى، و على كل أستاذ حر مقاوم لعاصفة الرداءة الهوجاء التي تجتاح قطاع التربية ، و على كل عامل نزيه مؤمن بمسؤوليته في قطاع التربية و مؤسساتها التي ستندثر عاجلا أم آجلا بين صخب العولمة الشرسة، لغياب الرجولة و الوطنية في كثير من إطاراتها.
