لن تحرق تونس بعد بن على، ولن تنال سياسة الأرض المحروقة مع شعب لم تثنه الرشاشات عن نيل مبتغاه، ستنهار ميليشيات بن علي مثلما انهار نظامه، ومثلما انهارت إمبراطورية آل الطرابلسي.
من تونس بزغ فجر جديد .. فجر سيغير لا محالة الخارطة السياسية للعالم العربي، وستنهار عروش..
الأكيد أن ثورة الشعب التونسي العظيمة هذه ستقضي على كل أحلام التوريث في العالم العربي، فكل شاب عربي اليوم هو مشروع محمد البوعزيزي، وكل حاكم مستبد هو مشروع بن علي، بن علي الذي لفظه شعبه وسدت في وجهه كل مطارات العالم، حتى باريس، التي كانت تمد أمامه البساط الأحمر واستغلته عشرات السنين قالت له .. لا.
على الحكام العرب أن يستوعبوا الدرس التونسي، فكل الأموال التي نهبها وحرم منها الشعب التونسي لم تنفع أمس بن علي وعائلة الطرابلسي التي طغت .. كل أموال الدنيا لم تغسل عار 23 سنة من الحكم الجائر، ولم تفتح له الأموال المهربة في بنوك باريس وسويسرا أبواب العواصم عندما ضاقت به تونس وطرده شعبه.
ليتخيل كل حاكم عربي جائر نفسه برفقة بن علي على متن طائرة تائهة في السماء ، طائرة سدت أمامها كل مدرجات المطارات، أي عار هذا ؟ ليتخيل كل حاكم يحتمي بباريس أو واشنطن أي مصير ينتظره إذا ما جاءه الطوفان ؟ أليس الوقت الآن للإسراع بإصلاحات ديمقراطية حقيقية وإطلاق الحريات والقبول بمبدإ التداول على الحكم ؟ ديمقراطية على مقاس الشعوب، لا ديمقراطية إملاءات باريس وواشنطن ؟ أليس الوقت الآن ليهتم الحكام العرب بحال شعوبهم، لأن لا شرعية إلا الشرعية التي يمنحهم إياها الشعب، ولا حب إلا الذي يمنحهم إياه مواطنوهم، ولا وطن بديل لهم عن أوطانهم.
ما حدث أمس في تونس سيحدث إن آجلا أم عاجلا في كل عاصمة عربية إن لم تسارع الأنظمة لاستباق الأحداث، ولو لم تسارع بمحاربة الفساد الذي استشرى في كل البلدان العربية.
نعم، لقد انتقل الرعب الى الجهة الأخرى، وها هم شرفاء تونس يعودون من منافيهم شامخي الهامات، وآل بن علي وأصهارهم يفرون تحت جناح الليل مثلما يفر اللصوص.
على الحكام العرب من الآن اختيار نهايتهم، فإما الحكم بالعدل وإما المنفى – إن وجدوا منفى - وإما إلى مزبلة التاريخ.
حدة حزام : 2011/01/15