أين المفر.. دواليب السلطة ملغمة باللصوص، والمظاهرات المنددة باللصوص ملغمة هي أيضا باللصوص؟! واللصوص يسرقون المال العام.. واللصوص هم أيضا الذين يمارسون المعارضة ويكسرون البلد!؟
السلطة تقول: إن الذين أشعلوا البلد هم المضاربون بأسعار الزيت والسكر.. ولذلك قامت باتخاذ قرارات لفائدة المضاربين! هل هناك تنسيق بين الضاربين والسلطة في عملية إشعال البلد؟! لسنا ندري! ولكن هذا هو الحاصل.. ولا يمكن أن يكون مجرد خطإ من السلطة؟!
ويبدو أن المضاربين كانوا يطالبون برفع نسبة أرباحهم من المضاربة وعندما لم يستجب لهم نظراؤهم من المضاربين بالسلطة لجأوا إلى الشارع لاعتقادهم أن الشارع هو الذي يجعل السلطة تسمع لهم!
الغريب أن المضاربين ألهبوا أسعار الزيت والسكر بنسبة زيادة قدرت بـ%30 لتحقيق ثورة الشارع.. ولكن السلطة الكريمة الكرم الحاتمي من المال العام قررت منح هؤلاء فوق ما يطلبون.. فمنحتهم %41! ولهذا يمكن أن يحذى حذوهم في المضاربة بالمواد الأخرى مثل الخضر والفواكه فيأخذ المضاربون في البطاطا حقهم مثل ما أخذ نظرائهم ما يحتاجون في الزيت والسكر!
ومازلنا في الجزائر نعيش نظرية الحكم بواسطة العنف.. فالذين يمارسون العنف في الجبال تسن لهم السلطة قانون المصالحة وتكرمهم بحقهم وحق غيرهم من المال العام ويتحولون إلى أعيان المجتمع بعد أن يمارسوا لعنف! والذين يخرجون إلى الشارع للمطالبة بالسكن تعطي لهم الأولوية في السكن! والذين يخرجون إلى الشارع للمطالبة بالعمل تعطى لهم الأولوية.. وحتى الأجور فإن الشارع هو الذي يقرر الزيادات!
السلطة أصحبت تسير البلد من خلال العنف وتسيير العنف.. وأصبحت تقمع السياسيين وتتفاوض وتحاور الذين يمارسون العنف! والبلاد مثلما عرفت الإرهاب غير الأعمى في الماضي هي الآن تعرف العنف غير الأعمى أيضا.. العنف الذي يرى بوعي كبير الأهداف التي يستهدفها بالتخريب.. فالذي يحتكر إنتاج وتوزيع الزيت ويزيد في الأسعار لا تمس مصالحه بالتخريب لأن المخربين يمارسون التخريب بوعي كبير! أكثر حتى من وعي السلطة! ويخربون فقط ما ينبغي تخريبه بوعي كبير أيضا! فلا فرق بين رجال السلطة ورجال المضاربة الذين ألهبوا الأسعار.. وأطفال الاحتجاج الذين ألهبوا البلد.. وأزمتنا هي أننا لا نملك سلطة ولا نملك أيضا البديل لهذه السلطة! ولا خيار لنا بين سلطة جاهلة وفاسدة أو فوضى لا تختلف عن السلطة رعونة وفسادا وجهلا!
سعد بوعقبة : 2011/01/12
