الآن اتضحت الأمور، وعرفنا من يقف وراء الأزمة التي عاشتها البلاد في الأيام الأخيرة، ولو بطريقة غير مباشرة، إن مؤسسة محتكرة هي المسؤولة الأولى عن كل ما حدث.. عن الأرواح التي سقطت.. وعن الأملاك التي أحرقت وكسرت .. وعن المدارس التي دمرت.. وعن التوتر والإحباط الذي عاشه 35 مليون جزائري طيلة أسبوع أو أكثر.
فعندما تقرر مؤسسة ما لصاحبها رجل الأعمال الكبير إنزال أسعار السكر والزيت إلى الحضيض حتى يبقي سيطرته على احتكار السوق ويحرم الناس من استيراد هاتين المادتين اللتين كانتا في قلب معركة الأسبوع الماضي، فهذا يعني أنه هو الذي كان يقف وراء تحريك الأسعار وهو الذي أخلط أوراق السوق، ولن نصدق تصريحاته في الندوة الصحفية عندما قال إنه لم يرفع أسعاره.
وعندما يكسر الأسعار ليقضي على كل منافسيه بطريقة غير أخلاقية، فإنه لم يعد مجرد رجل أعمال ناجح بفعل الأزمة وإنما تحول من الأعمال إلى السياسة، وهو الآن يمارس السياسة مثلما يمارس الأعمال والمنافسة بصورة لا أخلاقية، لأنه يمارس السياسة على أجساد الجزائريين وعلى حساب ممتلكاتهم وراحتهم النفسية.
فهو لم يخرج فقط عن إطار الاتفاق المبرم بينه وبين الحكومة، بل نصّب نفسه فوقها، وصار بديلا للدولة في السوق. ومن الطبيعي أن ينصب نفسه بديلا للدولة في السوق، ويتحكم كيفما شاء في أسعار المادتين التي يحتكر وحده نسبة تزيد على 80 ٪ من السوق، مادامت الدولة سمحت بظهور محتكرين يتحكمون في مصير البلاد والعباد، ويتصرفون خارج الأطر القانونية، مع أن كل قوانين العالم تمنع الاحتكارات.
وعندما يكسر المحتكر شوكة منافسيه، فإن هذا يعني القضاء على مئات مناصب الشغل لدى منافسيه المجبرين بعد هذا على غلق مؤسساتهم وتسريح عمالهم، وتسليم مصيرهم إلى المجهول.
وهكذا، فبعد محاربة احتكار الدولة للاقتصاد زمن الاقتصاد الموجه، ومحاولة تحرير التجارة الخارجية من احتكارها، نسقط من جديد في يد احتكار آخر، احتكار رجل واحد للقمة عيش الملايين، وشتان بين احتكار الدولة واحتكار الأشخاص.
حدة حزام : 2011/01/11
