الثلاثاء, 04 يناير 2011 16:29
وصف وزير التربية أبو بكر بن بوزيد في زيارة له قبل يومين إلى قسنطينة أنّ ما اُنجز من نتائج في مجال الإصلاح المدرسي أنها مُرضية.
وذكر من جهة أخرى أنّ نجاح الإصلاح المدرسي مرهون كذلك باستثمار أفضل في العامل البشري، والذي لا يمكن تجسيده، يضيف، إلاّ من خلال تحسين فعلي لمنظومة المردود التربوي.
وأنه بقي الكثير لعمله لتحسين المستوى الدراسي للتلاميذ، وأنّ حرب الكميّة توّجت بالنجاح بفضل العدد المعتبر للمؤسسات المنجزة خلال عشريّة، وأنه حان الوقت لرفع التحدي الكبير المتعلق بالنوعية.
وأنّه لا بدّ من إعطاء نفس جديد لسياسة الإصلاح المدرسي الذي يتجه حاليا نحو الجانب النوعي.
لكن الوزير نسي أهمّ شيء، وهو أن يقول لنا كيف صارت هذه النتائج مرضية، وهي مُرضية بالنسبة لمن؟!
الأرجح أننا لم نفهم الوزير، والذي عوض أن يقول مَرضيّة (بفتح الميم)، قال مُرضية بضمّها، وان كان الحال، فحديثه جدّ منطقي.
فنتائج مثل التي وصل إليها قطاع التربية لا بدّ أنّ بها مرضا، بل لا بدّ أن تنقل ذلك المرض إلى الأجيال، ولا يمكن أن تكون مُرضية للأولياء الذين لا يزالون يبعثون بأبنائهم إلى المدارس، يحسبون أنهم يتعلمون، ولا يعلمون أنهم ليسوا إلاّ جندا في حرب الكمّ التي خاضها وزير التربية.
أي أنّ الوزير يعتبر الفوز في حرب الكمّ انجازا حتى لو غابت أو أُغفلت النوعية، وأنّ نجاح التلاميذ، وحتى لو لم يكونوا ذوي مستوى هو انجاز.
لا ادري لم سمى الوزير إصلاحه بالحرب، رغم أنه لم يفعل سوى أن كان يحشو الأقسام بالتلاميذ الذين لا يملكون مستوى، ويعترف في النهاية انه تمّ إغفال النوع، وكيف سيتمّ استثمار العامل البشري، وخلال الـ15سنة الماضية، صار بعض الأساتذة أكثر جهلا من التلاميذ، فمن سيستثمر في من؟ أو من يُعلم من؟ وهل لا يزال لدينا مستثمرون، او متعلمون حتى يُعلموا ما يُعلموه بعد سياسة الكم التي ننتهجها منذ سنوات؟
فهمت الآن لم قلّت نسبة الأميّة، وبانتهاجنا سياسة الكم يمكن أن نقضي عليها مرة واحدة، ولا نحتاج لا إلى إجراءات ولا شيء لأننا تحولنا جميعنا إلى أشباه أميّين، ولكن بشهادات عالية، بل وبعلامات عالية نتباهى بها على الملأ.
لا أدري ما هي نهاية هذه الإصلاحات التي ننهض بها من حين لآخر، فقد أثبتت الوقائع والتجارب أن الكثير منها "إسلاخات" منذ أن بدأنا نطبق نتائج لجنة الإصلاح التربوي التي ترأسها الدكتور بن زاغو في نهاية عام 1999، خاصّة وأنّ مشكلتنا اليوم ليس في أننا نخوض حروبا وننهزم فيها، ولكننا نخوض حروبا يضرّنا الفوزُ فيها أكثر مما ينفعنا، بل لا ندري حتى إلى أين ستقودنا بعد سنوات من الآن، وإلى أين تقود أجيالاً كاملة.