[color=blue]في هذا الحوار يدق عبد الكريم بوجناح، رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية، ومدير إحدى المتوسطات بالعاصمة، ناقوس الخطر عن تدني المستوى التعليمي في الجزائر، مفندا أن يكون المشكل مرتبطا بمنطقة دون أخرى، مؤكدا على ضوء معطيات ميدانية ضرورة إعادة النظر في الإصلاحات التي أقرتها وزارة التربية والتعليم··[/color]
اعترفت وزارة التربية الوطنية بوجد نتائج كارثية العام الماضي في 41 ولاية من الوطن وقامت بتأسيس لجنة لتقصي الأمر والتوصل إلى حلول، ما رأيكم في ذلك؟
أولا، تدني مستوى التلاميذ لا يقتصر على 14 ولاية فقط، ولا على ولايات الجنوب دون غيرها، تدني المستوى مسألة وطنية، ونقابتنا قامت بإحصائيات أولية عبر مؤسسات نموذجية عن الوضع، في الفصل الأول تبين من خلالها أن التلاميذ الذين كان يبدو أنهم يتمتعون بمستوى جيد في نهاية المرحلة الابتدائية من 60 إلى 65 بالمائة منهم لم يتحصلوا على معدل 10 بعد الانتقال إلى المتوسط، وهناك أقسام بكاملها في هذه المرحلة تحصلت على إنذارات، اليوم في مرحلة المتوسط وعبر الوطن هناك تلاميذ لا يعرفون كتابة أسمائهم ولديهم مشكل في نقل المعلومة من الصبورة، وهذا ما يعني أنه لدينا اليوم تلاميذ أميين أو معوقين بعد مرحلة تعليمية كاملة، وهذا أمر خطير، والأخطر منه أن ضعف النتائج مسجل في كل المستويات التعليمية، حتى أولئك الذين انتقلوا إلى الجامعة·
ثانيا، وبخصوص اللجنة، أعتقد أنها لن تتوصل إلى الكثير وفي حال توصلت لن يتم الإعلان عنه، لأن الوزير كان العام الماضي قد وعد بإشراك كل نقابات القطاع في العملية، لكنه أخلف وعده، وهذا دليل على إصرار الوزارة على إقصاء الشريك الاجتماعي من الميدان، وهذا لن تتمكن منه لأننا فعلا في الميدان ولدينا طرقنا·
قلتم إن المشكل لا يقتصر على منطقة دون غيرها، بصفتكم رجل ميدان، ماهي الأسباب؟
تشريح هذه الظاهرة يتطلب منا الكثير من الوقت والحديث أيضا، لأن الضعف مرتبط بنتائج الامتحانات الرسمية في كل المراحل النهائية، وهو داخل الإصلاحات نفسها، الضعف مرتبط بما بات يعرف بسياسة التصحيح برفع الأيدي ''التساهل في التصحيح''، كنا تكلمنا منذ فترة وقلنا انتظروا نتائج الفصل الأول، لأن طريقة الإنقاذ التي انتهجتها وزارة التربية في السنة الأولى والسنة الثالثة ما كانت لتخبئ الضعف طويلا، لأن التلميذ الذي لا يحضر طول السنة ثم يجد وسيلة استدراكية للانتقال في ظرف دقائق لا يمكن أن نتوقع أن يكون صاحب مستوى·
من جانب آخر، هناك أمور كثيرة في الإصلاحات أثرت بشكل كبير على مستوى التلميذ، ككثافة البرامج في الابتدائي، إنقاص سنة في مرحلة الابتدائي التي ظهرت سلبياتها بشكل كبير على التلميذ الذي ينتقل إلى المتوسط، فبالنظر إلى صغر السن هذا التلميذ يكون لديه مشكل في استيعاب برامج المتوسط من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكنه التأقلم مع أسلوب التدريس الجديد والتعامل مع مجموعة كبيرة من الأساتذة بعدما تعود على الاتصال المقتصر على معلمين من تخصصين مختلفين·
إذا رجعنا في الأخير للقول أن المشكل في الإصلاحات التي قامت بها الوصاية؟
بكل صراحة نعم، اليوم نحن بحاجة إلى إصلاح للإصلاح، لابد من إعادة النظر كليا في هذه الإصلاحات، لأن وزارة التربية تفكر في مدة قصيرة وتنفذ في مدة طويلة جدا، وهذا خطأ فادح، لأنه من الضروري أن ننطلق من مشروع مهم وبناء، نقوم بدراسته بطريقة عميقة ويأخذ الوقت الكافي لاختباره وصقله بالشكل المطلوب وهذا هو ما افتقدته الإصلاحات التي جاءت بطريقة مستعجلة ولم تعتمد على أهل الميدان وإنما جاءت بأشخاص لا يملكون الخبرة الميدانية الضرورية ولذلك حدث ما حدث، وتحول التلاميذ إلى فئران تجارب·
على ذكر الخبرة وأهل الميدان، الوصاية أوعزت مشكل ضعف المستوى في الـ 14 ولاية إلى ضعف التأطير، خاصة في الجنوب، ما تعليقكم على ذلك؟
المشكلة ليست في سوء التأطير، المشكلة في سوء التسيير، لابد من طرح بعض الأسئلة المهمة في هذا المقام، وهو من الذين يسيرون مديريات التربية؟ كيف يتم تعيينهم؟ وعلى أي أساس؟ هناك فوضى حقيقية في التسيير إلى جانب أن الأبواب مغلقة في وجه النقاش البناء، فعلى ذكر الجنوب مثلا هناك حديث في كل موسم دراسي حول هذا المشكل والمدرسون حاولوا فعلا الانتقال إلى هناك للمساهمة في حله، لكن الوزارة لا توفر لهم السكن، ولهذا المشكل بقي قائما، يمكن الحديث عن مسألة المسابقات التي تجرى في شهر سبتمبر ونحن في شهر جانفي وافتتحنا الفصل الدراسي الثاني وهناك مسابقات لم تعرف نتائجها إلى غاية اليوم، ثم تأتي مرحلة التكوين التي ستكون حتما على حساب التلميذ، فمشكل المسابقات رغم تدخل قطاع الوظيف العمومي فيه إلا أن حله بقي يراوح مكانه، فالناجح يعرف نفسه مسبقا والخاسر كذلك، ولهذا لابد من إعادة النظر على أكثر من صعيد في قطاع التربية لنتمكن من إنقاذ الوضع·
الجزائر نيوز : 2011/01/03
حاورته: زهور شنوف
