خلال سنة كاملة، دخلنا فيها مختلف الجامعات الجزائرية وتعرفنا على طلبتها، مدرجاتها، أساتذتها، برامجها•• والحقيقة أنه لم يكن هناك ما يدعو للغبطة في تلك الجولات، بل أكثر من ذلك كانت الخيبة تأتي تلو الخيبة، بل أن الرعب بدأ يتسلل إلى نفوسنا ونحن نتجسس على هيئة العقول لأننا وجدنا كل شيء هناك، ما عدا العقل.
إن السقطة الكبرى للجامعة الجزائرية كانت في العام 2010 والحقيقة أن ما حدث ليس نتيجة سنة واحدة بل هو تراكمات العشرية الماضية التي كانت فيها ''الطوبات'' المسببة للانهيار تنزلق الواحدة تلو الأخرى دون أن نشعر، لكن العام الماضي كان عام كشف عورة العقل الأكاديمي، فهذه الجامعة التي حافظت على قوتها وعطائها طوال العشرية الحمراء عندما انهار كل شيء وبقيت صامدة رغم مرارة الظروف لم تعرف الانحدار الذي تعيشه هذه الأيام التي بات فيها العنف اللغة الوحيدة وأصبحت الدوائر الجامعية غير قادرة على حل مشاكلها وبات أصغر الاحتجاجات ينتهي في قصر العدالة•• إنه الإفلاس الحقيقي،
فما دامت الجامعة لم تعد قادرة على تكوين نخب تتواصل مع بعضها ومع غيرها بلغة غير لغة الجسد والسب والشتم، أصبحنا بحاجة إلى إيقاف الكذب على أنفسنا، لأن جامعة يضرب فيها الطالب المدير البيداغوجي، ويتلاسن الطالب مع حارس الباب لينتهي الأمر بالاثنين في المستشفى وبشهادات طبية، توكد العجر لأكثر من شهرين، وما دام الأستاذ يتحرش بالطالبة ونغض الطرف حماية لسمعة الجامعة، وما دام الأستاذ الباحث يدرس في مدرج سقفه مثقوب وموضوع فيه دلو لاحتواء ماء المطر، وما دام أمن الجامعة يشكل تكتلات هي المسير الحقيقي لخبايا الجامعة، وما دام الآباء قرروا تشكيل اتحاد أولياء الطلبة للدفاع عن الطالب الذي أصبح عقله قاصرا وبات غير قادر على المطالبة بحقوقه ومعرفة واجباته إلى هذا الحد•••
لابد أن نقول كفانا كذبا، وتباهيا وغشا لدعم الكم على حساب الكيف، ونحن نشارف على الدخول في بداية عشرية جديدة علينا أن نعترف بأن المخابر العلمية التي نتباهى بتجاوزها الـ 400 مخبر في عشرية واحدة لا ينتج منها إلا 15 مخبرا علميا••
الآن وقبل فوات الأوان علينا الاعتراف بأن الجامعة بحاجة إلى إصلاح حقيقي على كل المستويات حتى المرافق والمنشآت
