الطوارئ التي أعلنتها أجهزة الدولة والبنوك لمواجهة ظاهرة الأوراق النقدية المزورة حكاية تثير الضحك فعلا! خاصة الطريقة التي تواجه بها الدولة هذه الظاهرة! فالأجهزة تحارب الأوراق المزورة ولا تحارب الأسباب! والمصيبة أن الحكومة لا ترى عيبا في وجود نواب جاءوا بالتزوير.. ولا ترى عيبا أيضا في وزراء استلموا المهام بالتزوير.. وترى فقط الخطر يمكن في وجود أوراق نقدية مزورة!
منذ سنوات أقدمت الحكومة على حذف عبارة "القانون يعاقب المزورين" التي كانت مكتوبة على الأوراق النقدية.. وهو ما فهمه المزورون على أنه إشارة خضراء لممارسة التزوير.. لأن القانون أصبح لا يعاقب المزور!
السوق كلها مزورة.. لأن %75 من المعاملات التجارية تتم خارج الأطر والقنوات الرسمية لممارسة التجارة ومنطق الشكارة في التعاملات المالية والصفقات أصبح هو الأساس وليس الشيك والتحويلات البنكية! وعندما يصل النائب إلى كرسي النيابة بالتزوير ولا ترى الدولة أي حرج في ذلك.. فإن المحتال يرى أنه من حقه أن يزور الأوراق النقدية هو أيضا ولا أحد يحاسبه الحساب المناسب.
المضحك في الموضوع أن السلطة قالت إنها اكتشفت وجود معمل في ليون بفرنسا لإنتاج الأوراق النقدية المزورة الجزائرية! ومعنى هذا الكلام أن الإنتاج الوطني من الأوراق المزورة أصبح غير كاف فتم اللجوء إلى الاستعانة بالخبرة الأجنبية في إنتاج الأوراق المزورة!
الفساد الذي يعم البلاد قد ننساه عندما نعلم بأن حكاية تزوير العمل يمكن أن يكون أخطر من الفساد! لأن هذا الأخير يمكن أن يمس المواطن البسيط الذي يصبح ضحية لهؤلاء الذين يمارسون تزوير العملة!
ترى لماذا يناقش نواب الأمة عندنا موضوع ترقية السينما ولا يناقشون مسألة الفساد ومسألة تزوير العملة؟! والجواب بسيط.. لأن المزور لا يمكن أن يتحدث عن التزوير.. ولأن الفاسد لا يمكن أن يحارب الفساد.. لذلك يناقش النواب السينما لأنهم نواب السينما فقط! أو لنقل إنهم "قمباص" في سينما السياسة عندنا!؟
