ماذا بقي من نوفمبر؟
السبت 30 أكتوبر 2010 | الحدث
عبد السلام بارودي
تمنى الجزائريون عموما وشباب ما بعد نوفمبر خصوصا، لو أن احتفالاتهم أو ''عطلتهم'' النوفمبرية'' على وجه الدقة في التعبير لهذا العام طبعها احتفال من نوع خاص، تجريم الاستعمار، هذا الاستعمار الذي أباد ملايين الجزائريين منذ 1830 وإلى غاية ما بعد الاستقلال، لأنه ترك بيننا موتا آخر: الألغام والجهل والفقر والجوع. أمنية جزائرية شعبية ستظل مؤجلة، بعدما رأت حسابات السياسة والأرشيف أنه يستحيل التصعيد وفتح جبهة ضد ''المشاعر الفرنسية الحساسة''.
فشل النخبة السياسية الحاكمة ببلادنا عند محطة ترسيخ وتثبيت تجريم الاستعمار ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأننا نقف اليوم وبعد أزيد من نصف قرن على اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر العظيمة وحدنا في ساحة رفع العلم غداة احتفالنا بالذكرى.
يفترض أن تعرف تلك الساحات ازدحام الشباب أمامها ليلة الفاتح نوفمبر، تهافتا على تحية العلم وترديد النشيد الوطني، لكن هذا لم ولن يحدث مادامت النخبة الوطنية عاجزة عن مد الجيل الجديد بالرسالة الصحيحة لنوفمبر، عن طريق تكريس منهاجها السامي في السياسة ا والثقافة والاجتماع على الواقع.
جيل الثورة الذي أصابته عدوى التفكك منذ الساعات الأولى للاستقلال فشل فشلا ذريعا في إيصال مفاهيم الرسالة النوفمبرية بالشكل الصحيح، وحول الفاتح نوفمبر إلى مجرد يوم عطلة مدفوعة الأجر لا غير، في وقت كان بإمكانه أن ينجح في ترسيخ قيم نوفمبر من خلال أدوات الحكم العادل، بدءا من العدالة في توزيع الثروات إلى تكافؤ الفرص وكل ما تعلق بهذا الجانب الذي أدى الإخلال بقيمه إلى خلق جيل ''حراف'' لا يعترف بالماضي ولا يعيش الحاضر ولا يثق في المستقبل إلا عندما تحمله زوارق الهجرة إلى الضفة الأخرى... فماذا بقي من نوفمبر يا ترى؟
