[size=24]في الوقت الذي تشهد فيه ولايات الشمال مشكلات الإضراب في قطاع التربية، تشهد ولاية تمنراست إلى جانب الإضراب مشكلات في ذات القطاع من نوع خاص، ومع أن للمنطقة خصوصيات ما فتئت تعترف بها وزارة التربية، إلا أنها لم تقدم الحلول اللازمة·
لعل أهم المشاكل التي يعاني منها قطاع التربية، تلك المتعلقة بالوضعية التي يعيشها عدد من الأساتذة المستقدمين من الشمال، في مقدمتهم أساتذة اللغات، فقد عمدت الوزارة منذ فترة لتدارك النقص الفادح في تعليم اللغات بالمنطقة، وفي مقدمتها ولاية تمنراست التي تشهد مناصب شغل شاغرة في كل الأطوار الدراسية، وإن كان الكل يجمع على أن النقص الرئيسي يبقى في مجال اللغات· بهذا الخصوص يؤكد كل الأساتذة المستقدمين من الشمال أن الوزارة أخّلت بكل الوعود التي قطعتها لكل من أبدى الرغبة في القدوم إلى تمنراست لتدعيم الطاقم البيداغوجي، فبعد مرور سنوات يظل الأساتذة يعانون من ظروف لا تشجع على البقاء بالجنوب، وأخطر ما في القضية أن الأمر يتعلق بأستاذات في الطور الثانوي، قدمن من مختلف ولايات الشمال، حيث يقلن ''كان السبب الرئيسي في تلبيتنا لنداء الوزارة بتدعيم مناطق الجنوب بأساتذة اللغات، المساهمة في سد العجز المسجل من جهة، وتحسين الوضع المادي من ناحية ثانية، على اعتبار أن الوزارة أكدت لنا أنها ستمنح العديد من الامتيازات لكل من يرغب في التدريس بالجنوب، لكننا اليوم نلاحظ بمرارة كبيرة أن الوزارة باعتنا الأوهام بعدما بتنا نعاني من ظروف قاسية دون أدنى اهتمام من الوزارة الوصية''، هذا ما صرحت به أستاذة اللغة الأجنبية بثانوية الشيخ أمود بتمنراست، فضلت عدم ذكر اسمها في إشارة إلى أن الكثيرات مثلها يعانين من هذا الوضع الكارثي، وفي مقدمته مشكلة السكن، حيث تظل إقامة هؤلاء الأساتذة القادمين من الشمال في غرف لا ترقى حتى لغرف الفنادق المخصصة للإقامة المؤقتة، فقد وقفنا على الوضع الصحي لهذه الغرف التي لا تتوفر على قنوات الصرف الصحي، حيث أن الحمام والمراحيض مشتركة لكل القاطنين بالطابق النسوي والرجالي، مع العلم أن الماء غير متوفر في هذه الطوابق، ما يضطر الأساتذة لشراء المياه من الصهاريج المتنقلة لتخزينها، سيما الأستاذات اللاتي لا يتمكن من التفريط في أوقات العمل أو الخروج باكرا للتزود بالماء من مناطق بعيدة وهو ما يقوم به الأساتذة عادة·
الجدير بالذكر أن إقامة أساتذة الشمال في هذه الغرف الفردية تستمر منذ سنوات، في الوقت الذي تتوفر فيه الولاية على شقق تم وعدهم بتسليمها لهم، غير أنه لم تنفّذ هذه الوعود، ليظل الوضع المأساوي على ما هو عليه لهؤلاء الأساتذة الذين باتوا يطالبون بالعودة إلى ولايتهم، حيث يتوفر على الاستقرار المتمثل في السكن والعائلة، ما يفتقده أساتذة الشمال المقيمين بالجنوب، في إشارة إلى غالبية القادمين من الشمال غير المتزوجين· بهذا الخصوص، تقول أستاذة اللغة الفرنسية بواحدة من إكماليات ولاية تمنراست: ''بصراحة أشعر وكأني رهينة تم التلاعب بي، فقد كان قبول عرض القدوم للجنوب مقابل سكن لائق وامتيازات مقابل البعد عن الأهل، غير أننا تفاجأنا بعد سنوات من العطاء أن كل الوعود واهية، اليوم لا يمكنني استقبال والدتي ليس فقط بسبب المصاريف الباهضة وإنما لضيق المسكن وعدم قابليته لاستقبال أي شخص· أشعر بالخزي وكأن الأمر لا يتعلق بأساتذة يقومون بواجب نبيل''· كل الأساتذة يجمعون على ضرورة العودة لولايتهم بعدما استحالت الحياة المحترمة والأداء المهني اللائق في مثل هذه الظروف·[/size]
